الحوار المسيحي - الإسلامي

 

عقيدة الميزان و الاسلام لله

 إن لم تتوبوا فأنتم أيضا تهلكون 

يحدثنا الوحي الالهي في التوراة و الانجيل عن ضرورة المبادرة بالتوبة.  بل يؤكد لنا الله في كتابه المقدس أنه عز وجل غفور رحيم ، لكن فقط لمن تاب عن عصيانه. كما قال يسوع المسيح  " إن لم تتوبوا فأنتم أيضا تهلكون"

إذن الهلاك مصير كل انسان عاصي إذا لم يتب عن عصيانه.

لقد تحدثنا سابقاً أخي المسلم و اختي المسلمة عن الفرق بين التوبة الحقيقية وبين شعور بالندم.  فببساطة يمكن تعريف الندم: أنه الشعور بالذنب لإرتكاب الخطأ. أما التوبة: فهي الندم على إرتكاب المعصية و دفع ثمن العصيان.  للمزيد انظر هنا 

كل انسان صادق مع نفسه سيدرك حتماً مدى حاجته للتوبة. فمن منا نحن البشر يعتبر معصوم عن الخطأ؟ و من منا لم يرتكب المعاصي في حياته؟ جميع البشر اخطأوا وكسروا الشريعة الالهية،  كما يقول الوحي الالهي " لأن الجميع أخطأوا ولم يبلغوا إلى ما يمجد الله

فكيف إذاً يستطيع الانسان الخاطئ العاصي أن يتوب التوبة الحقيقية؟ و كيف يمكن للإنسان الضعيف أن يدفع ثمن كسره لشريعة خالقه؟ و هل يا ترى من طريقة ما؟

تعلمنا الكثير من الديانات البشرية عن طريقة اسمها عقيدة الميزان، وهي عقيدة موجودة في الكثير من الديانات القديمة من الزرادشتية إلى البوذية و غيرها. تلك العقيدة تخبرنا أن على الانسان أن يقوم بعمل الخير في حياته، ليوازن أعمال الشر التي يعملها، وفي يوم القيامة سيقوم الله بوزن أعمال الخير و أعمال الشر. فإن مالت كفة الميزان للخير، دخلنا الجنة ، وإن مالت الكفة للشر نلنا عقابنا في النار. لكن هل هذه العقيدة سليمة و صحيحة؟  و هل يوجد ميزان يوم الحساب؟ 

دعونا نرى أخي المسلم ، أختي المسلمة : 

أولاً ،  العدل الالهي : إن الله عز وجل هو الديان العادل، فهل يا ترى سيسمح الله سبحانه وتعالى للإنسان أن يتساوم معه عز وجل؟

لنأخذ مثالاً من واقعنا المعاش: لو ارتكب انسان جريمة قتل ، و تم القبض عليه و أخذه إلى المحكمة. فهل سيعقل أن يقول القاضي: " مع أنه قاتل، إلا أنه قام بمساعدة الفقراء، فبالتالي لا داعي لدخوله السجن". مستحيل.

فأي قاضي عادل سيصر على ذهاب القاتل للسجن المؤبد ليدفع ثمن جرمه، أليس كذلك؟ فإن كان القاضي عادل سيطلب من القاتل دفع ثمن جريمته.  فما بالك أخي المسلم /  و أختي المسلمة بالديان العادل يوم القيامة؟ 

هل يعقل أن يقف القاتل يوم القيامة ويقول لله  "نعم أنا قتلت الكثير، لكني عدت عن جرمي و  قمت بإنشاء مسجد"؟، و هل يمكن للسارق أن يدعي التوبة بقوله " نعم أنا سرقت الملايين ، لكني عدت عن جرمي و استخدمت اموالي لمساعدة الفقراء".؟

أين العدل هنا إذن؟  الله عادل و كل انسان  مجرم سينال عقاب جرمه.

ثانياً ، ثمن كسر الشريعة الالهية ثمن باهظ.

عقيدة الميزان تعلمنا أنه بإمكاننا نحن البشر الضعفاء دفع ثمن أعمال الشر بقيامنا بأعمال الخير.

لكن إن كسرنا الشريعة الالهية ، كيف يمكننا أن ندفع الثمن لله؟ هل يمكن للإنسان الضعيف أن يعوض الله الجبار عن اهانة القانون الالهي؟

مثلاً: لو شتمت أنا  صديقي ، فبإمكاني أن اعتذر له و أعوضه عن اهانتي له.  لكن لو أني قمت بشتم الملك؟ أو رئيس بلدية؟  ألن يكون مصيري حينها هو السجن؟ نحن بشر ضعفاء، واهانتنا لملك بشري أرضي عواقبها وخيمة جداً. فما بالنا إن قمنا بإهانة ملك الملوك ورب الأرباب، الله عز وجل وذلك بكسرنا للشريعة الالهية؟ ما أتعسنا إن قمنا بإهانة الخالق الجبار. 

مثال أخر: تكلمنا سابقاً (أنظر الرابط ) عن اللص الذي سرق  المليون دولار. وقلنا إن ندم هذا اللص عن جرمه واراد التوبة، فعليه إعادة المال المسروق لأصحابه.  فلا يمكن للسارق أن يبدي التوبة وفي نفس الوقت يبقي المال المسروق لديه لاستخدامه في متعه الشخصية؛ و لا يمكن له أن يخدع العدل باستخدامه المال المسروق لمساعدة الفقراء أيضاً. فببساطة إن أراد التوبة، فعليه إعادة المال المسروق كاملاً لأصحابه.

لكن ماذا لو فقد اللص ذلك المال كله؟ و ماذا لو لم يستطع لسبب خارج عن ارادته إعادة ما سارق؟  و كيف يمكن له أن يتوب الآن؟  و من أين يأتي بمليون دولار آخر؟ 

ونحن البشر الضعفاء مثل هذا اللص: عاجزون عن دفع ثمن كسرنا لشريعة الله، فالثمن باهظ جداً.

إذاً أخي المسلم و أختي المسلمة، عقيدة الميزان عقيدة فاسدة و مخادعة تجعلنا نظن اننا نحن البشر الضعفاء قادرون على المساومة مع الديان العادل في يوم الحساب. و تجعلنا أيضاً نظن خطئاً أنه بمقدورنا نحن دفع قيمة ثمن كسرنا للشريعة الالهية.

أخي المسلم ، و أختي المسلمة ، دعونا نقف متواضعين أمام خالقنا. فبدل الكبرياء وخداع النفس ، دعونا نسلم أمرنا لله ورحمته . فالاسلام معناه الخضوع لله وليس خداع النفس . الاسلام الحقيقي هو الخضوع لعدل الله و ليس المساومة مع الخالق.  الاسلام الحقيقي هو طلب الرحمة من الله الآن وليس طلب الميزان في يوم الحساب.

تذكر أخي المسلم ، تذكري أختي المسلمة : أن اسم ذلك اليوم هو يوم الحساب و ليس يوم الرحمة.  في يوم الحساب سيحاسب الديان العادل كل إنسان على كل عصيان ارتكبه.

اليوم هو يوم الرحمة ، أفلا تتواضع أمام خالقك في هذا اليوم, و تسلم نفسك لرحمته قبل فوات الأوان؟

الخيار لك : إما أن تسلم نفسك لرحمته اليوم، أو تدفع ثمن خطاياك بالموت الأبدي في يوم الحساب.

الوحي الالهي يعلمنا أن "  أجرة الخطيئة هي الموت، أما الهدية التي يعطيها الله فهي حياة الخلود بواسطة المسيح عيسـى مولانا"